من عوامل النجاح

إن قوة الإرادة والمثابرة لها تأثير على تقرير مصير الإنسان لكن هذا التأثير له حدود تقف عندها.وقد أخطأ القدماء عندما قالوا (كل من جد وجد ) و (كل من سار على الدرب وصل)

ان الانسان الذي يريد ان يصل الى هدف له في الحياة يجب ان يعلم قبل كل شئ ان النجاح في الوصول الى الهدف المنشود يحتاج الى قدرات نفسية وظروف اجتماعية تؤهله له, وبغير هذه القدرات فإن الجهد المبذول كثيراً ما يؤدي الى مردود عكسي.

نفرض أن شخصاً يريد أن يكون عالماً مشهوراً وهو لا يملك الذكاء المناسب او الظروف الملائمة, فهو مهما اجتهد وثابر ذهبت جهوده عبثاً, وقد تؤدي به الجهود الى الإصابة النفسية او الجنون.

كمثل على ذلك المخترع الشهير توماس اديسون, فهذا الرجل كانت له موهبة لم يخلقها في ذاته بل كانت مخلوقة فيه, ثم اتاحت له الظروف ان ينمي تلك الموهبة حتى أعطت ثمارها.

فليس بمقدور اي واحد ليست له هذه  الموهبة ان يصبح اديسون مهما بذل من جهد

وليس بمقدور واحد لديه الموهبة تحت الظروف الغير ملائمة ان يكون اديسون مهما بذل من جهد, بل ان جهده قد يضره بدل ان ينفعه.

أديسون لم يستطع التكيف مع محيطه الدراسي وكان ذلك بسبب ذكاءه الذي طغى على ذكاء زملائه ومعلميه, ولايخفى ان أي شئ خارج عن المألوف هو غير مفهوم وبالتالي منبوذ عند العقول العادية لهذا كتب مدير المدرسة التي ادخل اليها اديسون الى امه بإنه مصاب بالتخلف العقلي وانه لا خير فيه.

لو كان اديسون مولوداً في قرية بدائية منعزلة لكان ذكاؤه المفرط شؤماً عليه, ولظل طوال حياته لا خير فيه ثم مات بدون ان يعلم عنه أحد.

من حسن حظ اديسون انه ولد في حضارة راقية من جهة , وكانت له ام مثقفة من جهة اخرى فقد عملت على تعليمه بعد اخراجه من المدرسة, ثم اتاحت له بعد ذلك الظروف ان يستثمر ذكاؤه وموهبته ليصبح من اعظم المخترعين في التاريخ.

خلاصة القول..ان كل فرد ليس لديه يد في صنع شخصيته الا ضمن حدود . فهو صنيعة عوامل لا إرادة له فيها الا قليلاً.

فإن الذي يبذل الجهد في مجال لا قدرة له فيه او موهبة لابد ان يكون مصيره الفشل الذريع, وكذلك الذي يبذل الجهود في ظروف غير ملائمة فهو يجب ان لا يتوقع لنفسه النجاح.

-لعلي الوردي من كتاب الطبيعة البشرية ..بتصرف

أتسائل .. لو قرأت هذا الكلام قبل سنين مضت هل كنت لأقتنع فيه, أم ان طاقتي التفاؤلية (التي تحولت الى طاقة تشاؤمية) ستمنعني من الإقتناع ان للظروف يداً في تحديد مصير الإنسان؟